وضعت جدة مصيرها بين يدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في قاعة إسماعيل أبو داوود في غرفة جدة للتجارة والصناعة أمس الأول، بعد أن استعرض سكانها بشفافية عالية مشاكلها على مدى قرنين من الزمان، وقرنين مقبلين. ويأتي هذا اللقاء الذي بدا مرتقبا من مجتمع جدة في تفاعلهم ليلة السبت الماضي بعد تعيين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للأمير نايف نائبا ثانيا له في رئاسة مجلس الوزراء، وبعد حفظ المشيئة الإلهية الأمير محمد نايف ساعده الأيمن للشؤون الأمنية، وابنه، من استهداف غاشم لتنظيم القاعدة الإرهابي. وانعكس الأمر على أجواء التهنئة الصادقة، فتجسدت ملامح الوحدة في صفوف الحاضرين من سادة وسيدات في الوقوف لتحية العلم مع صوت موسيقى النشيد الوطني السعودي. أحياء المدينة، طرقاتها، صرفها الصحي، العمالة الوافدة المخالفة، شيكات بدون رصيد، التكدس في ميناء جدة الإسلامي، المدن الصناعية، تأخر مصروفات المشاريع من وزارة المالية، مشاكل طرحها المتحدثون على مدى ساعتين ونصف الساعة على طاولة الأمير نايف بن عبد العزيز. وطوال تلك المدة الواصلة بين مساء السبت وفجر الأحد، كان القلم في يد النائب الثاني يدون الملاحظات، ويتابع باهتمام بالغ مشاكل مدينة كانت توصف في الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي بإحدى أكثر مدن العالم نماء، لتتحول إلى إحدى المدن الموبوءة في الألفية الجديدة.
العنوان العريض للملتقى تمثل بالمطالبة في «خطة وطنية لإنقاذ مدينة جدة»، ومن الطرق والنقل انطلقت أمسية المصارحة. فجدة لديها 100 نقطة اختناق مرورية نتيجة محدودية الطرق إن جازت التسمية، وبحاجة لجملة مشاريع تبلغ ثمانية مليارات ريال، وفي حال اعتماد المبلغ السابق ستستطيع جدة التنفس من الاختناقات نهائيا بعد 25 سنة من الآن.
فيما كورنيش جدة مشكلته الأساسية في عدم اعتماد وزارة المالية الأموال المطلوبة لتنفيذ المشاريع اللازمة لتحسينه، فمثلا حين طلبت الأمانة مبلغ 850 مليون ريال، لتنفيذ مشاريع في الكورنيش الجنوبي والوسطي، لم يصرف لها سوى 50 مليون ريال.
الصرف الصحي يعاني من ازدياد مشاريع محطات توليد المياه المحلاة، لأن مقابل زيادة المياه زيادة للصرف الصحي بقدر متساو، ولهذا تركزت المطالب بتزامن المشاريع في الجانبين.
قصة أحياء جدة لم تقتصر على نقص الحدائق، بل ضرب المتحدثون جرس الإنذار لإفرازات أكثر من 550 مصنعا متواجدة داخلها، وللتخلص من المعضلة لا بد من اعتماد مصروفات لإيجاد أراضي مشاريع مدن صناعية، والمبلغ المطلوب خمسة مليارات موزعة على ثلاث سنوات.
لكن الليلة لم تنته عند طرح الاشكالات في جدة بل، صدرت ردة الفعل للنائب الثاني وزير الداخلية بأن تناول كل ما طرح، ووعد بحلول قريبة، ودراسة عاجلة لبعض المواضيع، وأزاح عن كواهل متحدثين هموما أرادوا مشاركته إياها.